ملتقى الانصار

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى الانصار

ملتقى للجهاد وانصاره


    شرح الحديث الحادي والعشرون من كتاب الأربعين النووية

    عكرمه المقدسي
    عكرمه المقدسي


    عدد المساهمات : 197
    نقاط : 390
    تاريخ التسجيل : 25/08/2009
    العمر : 74
    الموقع : http://www.al-amanh.net/vb/

    شرح الحديث الحادي والعشرون من كتاب الأربعين النووية Empty شرح الحديث الحادي والعشرون من كتاب الأربعين النووية

    مُساهمة  عكرمه المقدسي الأحد سبتمبر 27, 2009 9:50 am

    شرح الحديث الحادي والعشرون من كتاب الأربعين النووية
    السبيل أونلاين - شرح الحديث
    تقديم : د.البشير عبد العالي
    1- نص الحديث : عَنْ سُفيانَ بن عبدِ اللهِ - رضي الله عنه - ، قالَ : قُلتُ : يا رَسولَ اللهِ ، قُلْ لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عَنْهُ أحداً غَيرَكَ ، قال Sad قُلْ : آمَنْتُ باللهِ ، ثمَّ استقِمْ ).
    2- سند الحديث : هذا الحديث خرَّجه مسلم (1) من رواية هشام بن عروة، عن أبيه، عن سفيان ابنُ عبد الله(2). وقد رُوي عن سفيان بن عبد الله من وجوهٍ أخَرَ بزيادات، فخرَّجه الإمام أحمد(3)، والترمذي(4) من رواية الزهري، عن محمد بن عبد الرحمان بن ماعز، عن سفيان بن عبد الله قال : قلتُ: يا رسولَ الله ، حَدِّثني بأمرٍ أعتصمُ به، قال : (قل: ربي الله ، ثم استقم )، قلتُ: يا رسول اللهِ، ما أخوفُ ما تخاف عليَّ ؟ فأخذ بلسان نفسه،ثم قال: (هذا)، وقال الترمذي: حسن صحيح وخرَّجه الإمام أحمد ، والنَّسائي (5) من رواية عبدِ الله بن سفيان الثقفي، عن أبيه: أنَّ رجلاً قال : يا رسولَ الله ، مُرني بأمرٍ في الإسلام لا أسألُ عنه أحداً بعدَك ، قال : (قل : آمنتُ بالله ، ثم استقم )) . قلت : فما أتَّقي ؟ فأومأ إلى لسانه.
    3- متن الحديث : يتضمن هذا الحديث تلخيصا جامعا لأمر الإسلام كافياً حتّى لا يحتاجَ بعدَه لأمر غيره.
    4 - فهم الحديث : قول سفيان بن عبد الله للنَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم): ( قُلْ لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدَك ) طلب منه أنْ يُعلمه كلاماً جامعاً ، فقالَ لهُ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) Sad قل : آمنتُ باللهِ ، ثُمَّ استقم ) ، وهذا منتزع من قوله - عز وجل - : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } (فصلت : 30) ، وقوله - عز وجل - : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (الأحقاف: 13-14 ). وخرَّج النَّسائي في " تفسيره "(6) من رواية سهيل بن أبي حزم: حدثنا ثابت، عن أنس: أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) قرأ: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا }، فقال: ( قد قالها الناسُ ، ثم كفروا ، فمن مات عليها فهو مِن أهل الاستقامة ) . وخرَّجه الترمذي(7) ، ولفظه : فقال : ( قد قالها الناس ، ثم كفر أكثرُهم ، فمن مات عليها ، فهو مِمَّنِ استقامَ ) ، وقال أبو بكر الصديق في تفسير { ثُمَّ اسْتَقَامُوا } قال: لم يشركُوا بالله شيئاً. وعنه قال : لم يلتفتوا إلى إله غيره وعنه قال: ثم استقاموا على أنَّ الله رَبُّهم(Cool. ورُوي عن عمر بن الخطاب أنَّه قرأ هذه الآية على المنبر { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } فقال : لم يَروغوا رَوَغَانَ الثَّعلب (9). وروى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى { ثُمَّ اسْتَقَامُوا } قال : استقاموا على أداءِ فرائضه(10) . وعن أبي العالية ، قال: ثمَّ أخلصوا له الدينَ والعملَ(11) وعن قتادة قال: استقاموا على طاعة الله ، وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية قال : اللهمَّ أنت ربنا فارزقنا الاستقامة (12). ولعل من قال : إنَّ المرادَ الاستقامة على التوحيد إنَّما أرادَ التوحيدَ الكاملَ الذي يُحرِّمُ صاحبَه على النار ، وهو تحقيق معنى لا إله إلا الله ، فإنَّ الإله هو الذي يُطاعُ ، فلا يُعصى خشيةً وإجلالاً ومهابةً ومحبةً ورجاءً وتوكُّلاً ودعاءً ، والمعاصي كلُّها قادحة في هذا التوحيد ؛ لأنَّها إجابة لداعي الهوى وهو الشيطان ، قال الله - عز وجل - : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } (الجاثية : 23) قالَ الحسن وغيره: هوَ الذي لا يهوى شيئاً إلاَّ ركبه (13)، وقال الله - عز وجل -: { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (هود : 112 . ). فأمره أنْ يستقيمَ هوَ ومن تاب معه، وأنْ لا يُجاوزوا ما أُمِروا به ، وهو الطغيانُ، وأخبر أنَّه بصيرٌ بأعمالهم ، مطَّلعٌ عليها، وقال تعالى: { فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } (الشورى : 15) . قال قتادة : أُمِرَ محمد (صلى الله عليه وسلم) أنْ يستقيمَ على أمر الله. وقال الثوري: على القرآن (14) ، وعن الحسن، قال: لما نزلت هذه الآية شَمَّرَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم)، فما رؤي ضاحكا(15). وقال - عز وجل - : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ } (فصلت : 6 ) .وقد أمرَ الله تعالى بإقامةِ الدِّين عموماً كما قال: { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ }(16)، وأمر بإقام الصلاة في غير موضعٍ من كتابه ، كما أمر بالاستقامة على التوحيد في تلك الآيتين .
    والاستقامة: هي سلوكُ الصِّراط المستقيم ، وهو الدِّينُ القيِّم من غير تعريج عنه يَمنةً ولا يَسرةً، ويشمل ذلك فعلَ الطَّاعات كلّها، الظاهرة والباطنة، وتركَ المنهيات كُلِّها كذلك ، فصارت هذه الوصيةُ جامعةً لخصال الدِّين كُلِّها .
    وفي قوله - عز وجل - { فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ } إشارةٌ إلى أنَّه لابُدَّ من تقصيرٍ في الاستقامة المأمور بها، فيُجبَرُ ذلك بالاستغفار المقتضي للتَّوبة والرُّجوع إلى الاستقامة ، فهو كقول النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم)- لمعاذ: ( اتَّقِ الله حيثُما كُنت ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تَمحُها) (17). وقد أخبر النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) أنَّ الناس لن يُطيقوا الاستقامة حق الاستقامة، كما قال النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم)- قال: (استَقيموا ولن تُحْصوا، واعلموا أنَّ خيرَ أعمالكُم الصَّلاةُ، ولا يُحافِظُ على الوضوء إلاَّ مؤمنٌ)، (18) .وفي "الصحيحين"عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) قال: (سددوا وقاربوا ) (19).
    فالسَّدادُ: هو حقيقةُ الاستقامة، وهو الإصابةُ في الأقوالِ والأعمال والمقاصد، وقد أمرَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم)عليَّاً أنْ يسألَ الله - عز وجل - السَّداد والهدى،(20) . والمقاربة : أنْ يُصيبَ ما قَرُبَ مِنَ الغرض إذا لم يُصِبِ الغرضَ نفسَه، ولكن بشرط أنْ يكونَ مصمِّماً على قصد السَّداد وإصابة الغرض ، فتكون مقاربتُه عن غير عمدٍ ، ويدلُّ عليه قولُ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) : ( أيُّها النَّاس ، إنَّكم لن تعملوا – أو لن تُطيقوا - كلَّ ما أمرتُكم ، ولكن سدِّدوا وأبشروا) (21) والمعني: اقصِدُوا التَّسديدَ والإصابةَ والاستقامةَ، فإنَّهم لو سدَّدُوا في العمل كلِّه ، لكانوا قد فعلوا ما أُمِرُوا به كُلِّه.
    فأصلُ الاستقامةِ استقامةُ القلب على التوحيد، كما فسر أبو بكر الصِّديق وغيرُه قولَه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (الأحقاف: 13) بأنَّهم لم يلتفتوا إلى
    غيره ، فمتى استقام القلبُ على معرفةِ الله ، وعلى خشيته ، وإجلاله ، ومهابته ، ومحبته ، وإرادته ، ورجائه ، ودعائه ، والتوكُّلِ عليه ، والإعراض عما سواه ، استقامت الجوارحُ كلُّها على طاعته ، فإنَّ القلبَ هو ملكُ الأعضاء ، وهي جنودهُ ، فإذا استقامَ الملك ، استقامت جنودُه ورعاياه ، وكذلك فسَّر قوله تعالى : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً} (الروم: 30) بإخلاص القصد لله وإرادته وحدَه لا شريكَ له .
    وأعظم ما يُراعى استقامتُه بعدَ القلبِ مِنَ الجوارح اللسانُ ، فإنَّه ترجمانُ القلب والمعبِّرُ عنه ، ولهذا لما أمر النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم)- بالاستقامة ، وصَّاه بعدَ ذلك بحفظ لسانه ، وعن أنس ، عن النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم)، قال: (لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتَّى يستقيم قلبُه، ولا يستقيمُ قلبُه حتى يستقيمَ لسانُه) وعن أبي سعيد الخدري: (إذا أصبح ابن آدم، فإنَّ الأعضاءَ كلها تكفر اللِّسان ، فتقول : اتق الله فينا ، فإنَّما نحنُ بك ، فإنِ استقمتَ استقمنا ، وإنِ اعوجَجْتَ اعوججنا) (22).
    ------------------------------
    الهوامش :
    1.في " صحيحه " 1/47 ( 38 ) ( 62 ) . وأخرجه : ابن أبي شيبة ( 679 ) ، وأحمد 3/413 ، وابن أبي عاصم في " السنة " ( 21 ) وفي " الآحاد والمثاني " ، له ( 1584 ) ، والبغوي ( 16 ) من طرق عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن سفيان بن عبد الله ، به .
    2.هو سفيان بن عبد الله الثقفي الطائفي له صحبة، وكان عاملاً لعمرَ بنِ الخطَّاب على الطائف.
    3.أخرجه : أحمد 3/413 ، وابن ماجه ( 3972 ) .
    4.أخرجه : الترمذي ( 2410 ) ، وقال Sad هذا حديث حسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن سفيان بن عبد الله الثقفي ) .
    5.أخرجه : أحمد 3/413 و4/384 ، والنسائي في " الكبرى " ( 11489 ) و( 11490 ) وفي " التفسير " ، له ( 509 ) ( 510 ) .
    6.التفسير ( 490 ) وفي " الكبرى " ، له ( 11470 ) .
    7.في " الجامع الكبير " ( 3250 ) وقال : (حديث غريب … ) ، وفي بعض النسخ : (حسن غريب ) . قال ابن رجب وفيه سهيل تُكُلِّمَ فيه من قِبَلِ حفظه. وقال عنه أحمد بن حنبل : (روى عن تائب أحاديث منكرة ) ، وقال أبو حاتم : ( ليس بالقوي ، يكتب حديثه ولا يحتج به … ). انظر: الضعفاء 2/154 ، والجرح والتعديل 4/230 ( 6183 ) ، والكامل 4/526 ، وتهذيب الكمال 3/330 ( 2611 ) .
    8.أخرجه : ابن المبارك في " الزهد " ( 326 ) ، والطبري في " تفسيره " ( 23551 ) و( 23552 ) .
    9.ذكره : ابن المبارك في " الزهد " ( 325 ) ، وأحمد بن حنبل في " الزهد " ( 601 ) ، والطبري في " تفسيره " ( 23558 ) ، والقرطبي في " تفسيره " 15/358 .
    10.أخرجه: الطبري في " تفسيره " ( 23560 ).
    11.المصدر السابق ( 23559 ) .
    12.أخرجه : الترمذي ( 2410 ) ، وقال Sad هذا حديث حسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن سفيان بن عبد الله الثقفي ) .
    13.أخرجه: الطبري في " تفسيره " ( 24134 ) .
    14.ذكره : القرطبي في " تفسيره " 16/13 .
    15.ذكره: السيوطي في " الدر المنثور " 3/636 ، ونسبه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
    16.الشورى: 13.
    17.سبق تخريجه وهو الحديث الثامن عشر.
    18.أخرجه : أحمد 5/277 و280 و282 ، وابن ماجه ( 277 ). وأخرجه أيضاً : مالك ( 72 ) برواية الليثي ، والطيالسي ( 996 ) ، وابن أبي شيبة ( 35 ) ، وابن أبي عمر العدني في " الإيمان " ( 22 ) و( 23 ) ، والدارمي ( 655 ) ، وابن نصر المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " ( 168 ) ، والطبراني في " الكبير " ( 1444 ) وفي " الأوسط " ، له ( 7019 ) وفي " مسند الشاميين " ، له ( 217 ) و( 1335 )، والحاكم 1/130 ، والبيهقي 1/82 و457، والخطيب في " تاريخه " 1/293 ، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/318-319 ، والبغوي في " شرح السنة " ( 155 ) ، وهو حديث صحيح .
    19.صحيح البخاري 7/157 ( 563 ) و8/122 ( 6463 ) ، وصحيح مسلم 8/139 ( 2816 ) ( 71 ) .
    20.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 8:20 am