ملتقى الانصار

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى الانصار

ملتقى للجهاد وانصاره


    مسالك الناس في التقرب إلى الله تعالى

    عكرمه المقدسي
    عكرمه المقدسي


    عدد المساهمات : 197
    نقاط : 390
    تاريخ التسجيل : 25/08/2009
    العمر : 74
    الموقع : http://www.al-amanh.net/vb/

    مسالك الناس في التقرب إلى الله تعالى Empty مسالك الناس في التقرب إلى الله تعالى

    مُساهمة  عكرمه المقدسي الأحد سبتمبر 27, 2009 9:47 am

    مسالك الناس في التقرب إلى الله تعالى
    السبيل أونلاين - متابعة

    سلك الناس في قضية التقرب إلى الله بالأعمال مسالك متعددة، فما هي هذه المسالك مع الترجيح؟

    أهلُ الإسلام مختلفون في كيفية التقرب إلى الله عزّ وجلّ، فمنهم من ظنّ أنّ التقرب إلى الله عزّ وجلّ يكونُ بالتقلل من الدنيا وتحريم الطيبات وترك المباحات فاعتزلوا الناس ومنعوا أنفسهم ما أحل الله لهم.
    ومنهم فريقٌ آخر رغب في العبادة ولكنه لم يقيّدها بالشرع، فعبد الله كما أحبّ هو لا كما أراد الله، فأحدث في الدين ما ليس منه.
    وأما أهلُ الحقّ المتمسكون بالكتاب والسنة فقيّدوا أنفسهم بالدليل، وداروا مع الشرع حيثُ دار، وحكّموا الكتاب والسنة في كل صغيرٍ وكبير، فأدوا الفرائض ولم يخلّوا بشيءٍ منها لعلمهم أنّ أحب الأعمال إلى الله ما افترضه على عباده كما في صحيح البخاري، ثم اجتهدوا في النوافل كلٌ حسب طاقته، ولم يُقدموا المفضول على الفاضل، وقد حصر ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين طرق العابدين ومسالكهم في التقرب إلى الله واختلافهم في تفصيل بعضها على بعض في أربعة أقسام.
    الصنف الأول، عندهم أنفع العبادات وأفضلها: أشقها على النفوس وأصعبها. قالوا لأنه أبعد الأشياء عن هواها وهو حقيقة التعبد..
    والصنف الثاني، قالوا: أفضل العبادات التجرد والزهد في الدنيا، والتقلل منها غاية الإمكان، واطراح الاهتمام بها، وعدم الاكتراث بكل ما هو منها.
    والصنف الثالث، رأوا أن أنفع العبادات وأفضلها: ما كان فيه نفع متعد، فرأوه أفضل من ذي النفع القاصر. فرأوا خدمة الفقراء، والاشتغال بمصالح الناس وقضاء حوائجهم، ومساعدتهم بالمال والجاه والنفع أفضل. فتصدوا له وعملوا عليه.
    ثم جرى قلمُ ابن القيم بكلامٍ رائق مستقى من مشكاة النبوة كأنّ عليه أنوار الوحي، يأخذ بلب قارئه، بيّن فيه حال الصنف الرابع: وهم سادة العبّاد، وأئمة الزهاد المقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحوالهم، ونحن نترك المجال لابن القيم ونسوق كلامه بطوله لما فيه من النفع العظيم، وهو غير محتاجٍ منا إلى تعليق.
    قال رحمه الله: الصنف الرابع، قالوا إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الربّ في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته. فأفضل العبادات في وقت الجهاد. الجهاد، وإن آل إلى ترك الأوراد، من صلاة الليل وصيام النهار. بل ومن ترك إتمام صلاة الفرض، كما في حالة الأمن. والأفضل في وقت حضور الضيف مثلا: القيام بحقه، والاشتغال به عن الورد المستحب وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل.
    والأفضل في أوقات السحر: الاشتغال بالصلاة والقرآن، والدعاء والذكر والاستغفار.
    والأفضل في وقت استرشاد الطالب، وتعليم الجاهل الإقبال على تعليمه والاشتغال به.
    والأفضل في أوقات الأذان ترك ما هو فيه من ورده، والاشتغال بإجابة المؤذن.
    والأفضل في أوقات الصلوات الخمس الجدّ والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه، والمبادرة إليها في أكمل الوقت، والخروج إلى الجامع. وإن بَعُد كان أفضل.
    والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه، أو البدن، أو المال الاشتغال بمساعدته، وإغاثة لهفته، وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك.
    والأفضل في وقت قراءة القرآن جمعية القلب والهمة على تدبره وتفهمه، حتى كأنّ الله تعالى يخاطبك به. فتجمع قلبك على فهمه وتدبره، والعزم على تنفيذ أوامره أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك.
    والأفضل في وقت الوقوف بعرفة الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر دون الصوم المضعف على ذلك.
    والأفضل في أيام عشر ذي الحجة الإكثار من التعبد، لا سيما التكبير والتهليل والتحميد. فهو أفضل من الجهاد غير المتعين.
    والأفضل في العشر الأخير من رمضان لزوم المسجد فيه والخلوة والاعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس والاشتغال بهم، حتى أنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم، وإقرائهم القرآن، عند كثير من العلماء.
    والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته عيادته، وحضور جنازته وتشييعه، وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك.
    والأفضل في وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم، دون الهرب منهم، فإنّ المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه.
    والأفضل خلطتهم في الخير. فهي خير من اعتزالهم فيه، واعتزالهم في الشر، فهو أفضل من خلطتهم فيه. فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو قلله فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم.
    فالأفضل في كل وقت وحال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال. والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه.
    وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق والأصناف قبلهم هم أهل التعبد المقيد فمتى خرج أحدهم عن النوع الذي تعلق به من العبادة وفارقه يرى نفسه كأنه قد نقص وترك عبادته.
    فهو يعبد الله على وجه واحد. وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت. فمدار تعبده عليها. فهو لا يزال متنقلا في منازل العبودية، كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى. فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره. فإن رأيت العلماء رأيته معهم. وإن رأيت العباد رأيته معهم. وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم. وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم، وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم.
    وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم. فهذا هو العبد المطلق، الذي لم تملكه الرسوم (طقوس معينه)، ولم تقيده القيود، ولم يكن عمله على مراد نفسه، وما فيه لذتها وراحتها من العبادات. بل هو على مراد ربه، ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه. فهذا هو المتحقق بـ "إياك نعبد وإياك نستعين" حقا، القائم بهما صدقا. ملبسه ما تهيأ. ومأكله ما تيسر. واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته. ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خاليًا. لا تملكه إشارة. ولا يتعبده قيد. ولا يستولي عليه رسم. حر مجرد، دائر مع الأمر حيث دار، يدين بدين الآمر أنى توجهت ركائبه. إلى آخر كلامه رحمه الله.

    أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله أداء فرائضه
    فمن أراد حبّ الله والتقرب إليه فليكن متبعاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أقواله وأفعاله إذ لاسبيل للقرب من الله إلاّ بهذا، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران: 31] وقال سبحانه: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7 ] .
    وهذا على وجه العموم.
    أما على الخصوص فهناك أعمال كثيرة تقرّب العبد إلى خالقه جلّ وعلا كالصلاة والحج والإنفاق وبرّ الوالدين وغيرها من أعمال الطاعات لكن أهم الأعمال على الإطلاق وأحبّها إلى الله وأزكاها هي المحافظة على الفرائض وتأديتها على الوجه الصحيح لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم :"إنّ الله تعالى قال من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه" رواه البخاري وغيره.

    طريق التقرب إلى الله والخشوع في الصلاة
    إنّ أعظم وسيلة يتقرب بها العبد إلى الله عزّ وجلّ بعد توحيده هي الصلاة المفروضة، ثم أداء باقي الفرائض التي افترض الله تعالى عليه، ثم الإكثار من النوافل التي شرعها ليتقرب بها العباد إليه، وليرتفعوا بها إلى أعلى الدرجات.
    فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "... وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحبّ إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه"
    والصلاة بلا خشوع جسم بلا روح، وحركات لا معنى لها، ومما يعين على تحصيل الخشوع، وحضور القلب في الصلاة:
    -الاستعداد لها قبل الدخول فيها، واستحضار أهميتها، وذلك بإتقان الطهارة، وإسباغ الوضوء.
    ثم عند الإحرام يتأمل معنى قوله: الله أكبر.. وهكذا كلّ ما يقرأه من قرآن وأدعية وأذكار، وليستحضر دائماً أنه يخاطب ربّه خطاب الحاضر السامع، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد: "الحمد لله رب العالمين" قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: "الرحمن الرحيم" قال الله تعالى: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: "مالك يوم الدين" قال: مجّدني عبدي، فإذا قال: "إياك نعبد وإياك نستعين" قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
    فإذا استشعر المسلم عظمة موقفه بين يدي الله تعالى، وتأمل في هذه المعاني، فلا شك أنّ ذلك سيساعده على حصول الخشوع بإذن الله تعالى.

    أفضل العبادات التي يتقرب بها إلى الله
    ترتيب العبادة حسب الأفضلية متعذر، فالعبادة تنقسم إلى عبادة قلبية وعبادة بدنية وعبادة قلبية وبدنية معاً، فأفضل العبادات على الإطلاق شهادة التوحيد، وأفضل العبادات البدنية الصلاة على القول الراجح، ثم اخْتُلِف في ترتيب باقي أركان الإسلام حسب الأفضلية.
    ففي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: وأفضل عبادات البدن بعد الشهادتين الصلاة ففرضها أفضل الفروض ونفلها أفضل النوافل، ولا يرد طلب العلم وحفظ القرآن لأنهما من فروض الكفايات، ويليها الصوم فالحج فالزكاة على ما جزم به بعضهم، وقيل أفضلها الزكاة وقيل الصوم وقيل الحج وقيل غير ذلك. انتهى.

    وقال النووي في المجموع: فالمذهب الصحيح المشهور أنّ الصلاة أفضل من الصوم وسائر عبادات البدن، وقال صاحب المستظهري في كتاب الصيام: اختلف في الصلاة والصوم أيهما أفضل؟ فقال قوم: الصلاة أفضل، وقال آخرون: الصلاة بمكة أفضل والصوم بالمدينة أفضل، قال: والأول أصح. انتهى.
    وقد ثبتت أفضلية بعض الطاعات في بعض الأحاديث الصحيحة وقد حُمِل ذلك على أنه إجابة مخصوصة لسؤال مخصوص تناسب حال كل سائل وما يليق به، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنّ رجلا سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم أيّ الأعمال أفضل، قال: الصلاة لوقتها وبرّ الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله.

    قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: وسؤاله عن أفضل الأعمال طلباً لمعرفة ما ينبغي تقديمه منها، وحرصاً على علم الأصل، ليتأكد القصد إليه وتشتد المحافظة عليه، و"الأعمال" ها هنا لعلها محمولة على الأعمال البدنية، كما قال الفقهاء: أفضل عبادات البدن الصلاة. واحترزوا بذلك عن عبادة المال، وقد تقدم لنا كلام في العمل: هل يتناول عمل القلب، أم لا؟ فإذا جعلناه مخصوصاً بأعمال البدن، تبين من هذا الحديث: أنه لم يرد أعمال القلوب، فإنّ من عملها ما هو أفضل، كالإيمان.

    وقد ورد في بعض الحديث ذكره مصرحاً به أعني الإيمان، فتبين بذلك الحديث أنه أريد بالأعمال ما يدخل في أعمال القلوب، وأريد بها في هذا الحديث ما يختص بعمل الجوارح، وقوله "الصلاة على وقتها" ليس فيه ما يقتضي أول الوقت وآخره، وكأنّ المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت خارج الوقت قضاء. وأنها لا تتنزل هذه المنزلة، وقد ورد في حديث آخر "الصلاة لوقتها" وهو أقرب لأن يستدل به على تقديم الصلاة في أول الوقت من هذا اللفظ، وقد اختلفت الأحاديث في فضائل الأعمال، وتقديم بعضها على بعض، والذي قيل في هذا: إنها أجوبة مخصوصة لسائل مخصوص، أو من هو في مثل حاله، أو هي مخصوصة ببعض الأحوال التي ترشد القرائن إلى أنها المراد، ومثال ذلك: أن يحمل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: ألا أخبركم بأفضل أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم؟. وفسره بذكر الله تعالى على أن يكون ذلك أفضل الأعمال بالنسبة إلى المخاطبين بذلك، أو من هو في مثل حالهم، أو من هو في صفاتهم، ولو خوطب بذلك الشجاع الباسل المتأهل للنفع الأكبر في القتال لقيل له "الجهاد" ولو خوطب به من لا يقوم مقامه في القتال ولا يتمحض حاله لصلاحية التبتل لذكر الله تعالى، وكان غنياً ينتفع بصدقة ماله لقيل له "الصدقة" وهكذا في بقية أحوال الناس، قد يكون الأفضل في حقّ هذا مخالفاً في حقّ ذاك، بحسب ترجيح المصلحة التي تليق به. انتهى.

    فهذا كلام نفيس فتدبره ننتفع به، ونحرص على الاستزادة من الخير، والمحافظة على الفرائض فإنّها أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى ثم الإكثار من نوافل الطاعات، ولنضرب في كل باب منها بسهم، ولنبتعد عن كل ما نهى عنه الشرع وحذر منه، فذلك طاعة من أفضل الطاعات.
    والله يهدى السبيل

    الشبكة الإسلامية - بتصرف

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 7:52 am