ملتقى الانصار

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى الانصار

ملتقى للجهاد وانصاره


    المناخ الاسري واثره في التربية

    عكرمه المقدسي
    عكرمه المقدسي


    عدد المساهمات : 197
    نقاط : 390
    تاريخ التسجيل : 25/08/2009
    العمر : 74
    الموقع : http://www.al-amanh.net/vb/

    المناخ الاسري واثره في التربية Empty المناخ الاسري واثره في التربية

    مُساهمة  عكرمه المقدسي الثلاثاء سبتمبر 15, 2009 5:38 am

    المناخ الاسري واثره في التربية
    ________________________________________
    المناخ الاسري واثره في التربية

    تتشابه البدايات في الأسر المتدينة؛ جو عائلي ملتزم واهتمام بالغ بتربية الأبناء، مع حرص شديد على متابعة أدائهم للصلاة، وتحفيزهم على السلوك الإسلامي، ومن السلوكيات المحمودة الشائعة أيضًا تحفيظ القرآن الكريم على يد شيخ.



    تمر السنوات وتأتي المراهقة بمتاعبها ويكبر الأبناء، ولكن لا تأتي الرياح دائمًا بما تشتهي السفن، فهناك نسبة ملحوظة يتسم سلوكهم بالقصور والسلبية، وهنا يتساءل الجميع أين الخطأ؟!



    لا تكفي النوايا الطيبة وحدها لتحقيق الآمال، والطفل ليس جمادًا يمكننا صبه في القالب الذي نريد، ولكنه روح بريئة ونفس حساسة تلتقط وتتأثر بالمناخ السائد حولها، الطفل ليس ساذجًا كما نتوهم، ولن يكتفي بتنفيذ ما نلقيه عليه من أوامر ونواهي، ولكنه سوف يستشف حقيقة تفكيرنا، وسوف يلتقط الخبايا وما بين السطور، ولن ينخدع كالكبار بمظهرنا الاجتماعي الجيد، ولكنه سينفذ للأعماق ويصل للحقائق المخبوءة، وسوف يتأثر بكل ذلك أكثر كثيرًا مما يتأثر بما نردده من شعارات أمامه.

    الخطأ يبدأ من عندنا نحن الكبار، ومما نشيعه من جو عام حول الطفل، ومن صور الأخطاء التربوية التي نرتكبها:



    أولًا ـ التشدد والتصلب

    يتسم المناخ الأسري في هذه الحالة بالتوتر الدائم، ثمة توجس وترقب يشحن الجو العام؛ مما يُشعر الطفل أن هناك من يلاحقه ليتصيد أخطاءه ويعاقبه، قد يتصور المربي أن تلك الطريقة الحازمة تُنشئ رجلًا لكنها في الحقيقة تكسره، فنفس الطفل الغضة تحتاج قدرًا كبيرًا من الرحمة والحنان يوازي ويعادل الحزم، وليتذكر المربي أنه يدير بيتًا وليس معسكرًا، هذا البيت بالنسبة للطفل هو مرتع اللهو والراحة ومنجم الذكريات التي سيحتفظ بها طويلًا فيما بعد، فلنحرص أن تكون الذكرى طيبة.



    ثانيًا ـ التدليل المفسد

    هناك كف لقدرات الطفل، ورغبة مذمومة لتجنيبه كل صور التعب وتوفير كل وسائل الراحة له، استجابة سريعة لكل ما يظهر من رغبات، وتكاسل في تعليمه وتلقينه المهارات اللازمة لحياته المستقبلية، عادة يسود هذا المناخ في الأسر التي تمنت الإنجاب وعانت طويلًا حتى أكرمها الله بطفل يفرغون فيه كل مشاعرهم المختزنة، ويحافظون عليه كأنه جوهرة يخشون خدشها، يحدث هذا أيضًا عند مجيء مولود ذكر بعد عدة بنات، وأحيانًا لمجرد رغبة الأم أو الأب بإغداق الحنان الزائد تعويضًا لحرمان طفولتهم؛ وكأنه بذلك يداوي جراحه القديمة من خلال الطفل.
    أيًّا كان السبب أو المبرر فإن هذا الأسلوب يُنشئ شخصيات عاجزة ضعيفة اعتمادية لا تنفع مجتمعها ولا حتى نفسها، ونحن بذلك نضر الطفل ولا ننفعه.



    ثالثًا ـ التربية من الخارج



    يسود مناخ الأسرة روح الازدواجية، والانفصال بين القول والفعل، فالمربي يتغنى دائمًا بالفضائل ولكنه لا يمارسها، يأمر أبناءه بمكارم الأخلاق ولا يتحلى بها، يعتقد أنه أدى ما عليه لأنه يملي عليهم ما يجب عليهم فعله، ولكن دون أن يعطيهم القدوة الحسنة والمثل الصالح!!



    التربية الحقيقية تبدأ من الداخل؛ بتربية الضمير اليقظ وغرس الفضائل بالممارسة اليومية حتى تصير سلوكًا مطبوعًا داخل النفوس الغضة، أما التربية الخارجية بإلقاء بعض الأوامر والإرشادات فإن نفعها قليل وجدواها مشكوك فيها؛ إذ أن الرسالة التي يلتقطها الطفل في تلك الحال هي: افعل ما بدا لك بشرط تجنب العقاب واستتر من المجتمع بادعاء الفضيلة.



    الإنسان روح ونفس وجسد، ولابد من توازن الجوانب الثلاث حتى لا يحدث خلل، وفي حديث شهير لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)) [رواه الترمذي(1107)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، (1084)]، ونلاحظ أنه صلى الله عليه وسلم قد ميَّز بين الخلُق والدين، ولا يكفي أن نلقن الأبناء تعاليم الدين دون أن نزرع فيهم حسن الخلق، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.



    فحسن الخلق والاعتدال يشيع جوًّا أسريًّا محببًا ومريحًا، ويجعل عملية التربية سهلة ميسرة، ويستخرج من الأبناء أفضل ما فيهم، و المناخ الأسري الصالح تشيع فيه روح المودة والمسئولية والإنجاز والفعالية، وتزينه الدعابة والابتسامة، ويتبادل أفراده الناجحون المتميزون التعاطف والتعاون مع بعضهم البعض ومع المجتمع كله

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 7:44 am