منقول
ترتبط مسألة المرأة في الإسلام ارتباطاً وثيقاً بمسألة أعم وأشمل هي مسألة الإنسان المسلم فرداً ملن أم جماعة وبواقع المجتمع العربي الإسلامي وتطلعاته .ولا يمكن تجاهل حقيقة أن الدين ألإسلامي قد تعاطف بشكل واضح مع المرأة وحقوقها ، لذا غـم القول أو الإدعاء بأن الإسلام قد نال من مكانة المرأة ومال إلى تحقيرها يعتبر من قبيل التناقض مع تلك المبادىء الإنسانية التي أقرها الدين وأرساها .
فالقرآن الكريم أشار بوضوح إلى رعاية الخالق للأنثى منذ هي في المهد وحماها من سوء الاستقبال الذي كان يقترن بمولدها الذي ظل كذلك لقرون عديدة . فحين قال امرأة فرعون ( ربي أني وضعتها أنثى ... وليس الذكر كالأنثى )( ) أجاب الخالق على ذلك بالقبول الحسن والبنات الحسن لها ، واضعاً المشتكين من ولادة الأنثى بسوء الحكم ( إلا ساء ما يحكمون )( ).
كما حرر القرآن شخصية المرأة من أنها مخلوقة هامشية ضعيفة في المنزلة قياساً بالرجل وحررها أيضاً من عقدة الخطيئة الأولى التي ترتب عليها إخراج آدم من الجنة : فالله خلف الذكر والأنثى من نفس واحدة( ) ، والشيطان هو الذي وسوس لآدم ( فعصى ربه فغوى)( ).
ولقد بلغت العناية بالمرأة شأناً بحيث نزلت فيها سورة كاملة أو أكثر : فالجزء الرابع من سورة البقرة كله في النساء وآياته كلها أحكام بشأنها ، ثم هناك سورة النساء وسورة مريم وسورة النور وسورة المجادلة وسورة الممتحنة وسورة التحريم .
وكما أعلى القرآن من مكانة المرأة فأن السيرة النبوية والحديث سارتا في نفس الخط أيضاً : فالوقائع تنكر أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم) قد إعتزَّ بأمهات له في الجاهلية اسم واحدة منهن عاتكة فقال " أنا ابن العواتك من سليم " وما من عاتكة منهن أدركت الإسلام ، وقوله ( صلى الله عليه وسلم) أيضاً " لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الظاهرة وصفه مهذباً لاتتشعب شعبتك إلا كنت خيرهما " . والأحاديث النيوية توضح مكانة المرأة حيث يرد فيها إن المرأة الصالحة خير متاع الدنيا ، وأنها داعية مسؤولة عن بين زوجها وولدها ، وأن أحد الصحابة حين سأل النبي ( صلى الله عليه وسلم) أي الناس أحق بصحبتي يا رسول الله ، قال له أمك .. ثم أمك ، ثم أمك .. ثم أباك ( ).
ولا شك أن التاريخ الإسلامي سوف يدعم هذا الواقع بشواهد مضافة : فليس هناك حدث مهم ليس للمرأة ظهور فيه ولا أحداً من العلماء والقادة والأئمة والرؤساء لم تكن في حياته امرأة ذات أثر ، ولا معجماً لإمام من أئمة السلف خلا من ذكر النساء ، ولا كتاباً في طبقات الحفاظ والمفسرين والصوفية والأدباء ليس فيه تراجم خاصة لأعيان النساء . فلا يمكن إغفال شخصية رابعة العدوية وريادتها للطريقة الصوفية وشعائرها ، ودور أم الإمام الشافعي والإمام مالك في توجهاتهما الفقهية والعلمية .
والسيدة فاطمة العضرية في بناء جامع القرويين في المغرب ، والملكة شعبرة الدرمي في تحقيق نصر المسلمين على الصليبين( ).
حقوق المرأة في الإسلام :
تباينت الآراء حول وضع المرأة في العصور التي سبقت بزوغ الإسلام . فبعض المؤرخين يرفع منزلتها في نظر عرب الجاهلية ، وفريق آخر ينكر ذلك ويظهرها بمظهر الممتهن المسلوب الحقوق : فمن النساء من نالت منزلة سامية كخديجة بنت خويلد وهند بنت عتبة ، كما إنه وجد ن أحتقر المرأة ووصل الأمر إلى وأدها فضلاً عن تزويجها بالإكراه وعدم أحقيتها بالميراث( ) .
واتساقاً مع هذه المعطيات قبل أن مركز المرأة قبل الإسلام كان محتقراً من جهة وبارزاً من جهة أخرى : فالمعلقات ، مثلاً لم تكن تخلو من الإشادة بالمرأة والغزل بها والمدح والفخر لإرضائها . وقد تميزت المرأة في الجاهلية في الجملة بثلاث صفات : العفة والفصاحة ، وحسن التربية لبنيها ، وما يأخذه المؤرخون على العصر الجاهلي هو القيام بوأد البنات الذي يمثل في الواقع أقصى ما يصل إليه البشر من القسوة( ) .
والواقع أن إكرام المرأة ، وليدة ناشئة وزوجة وأم ، قد أقترن أساساً بالإسلام : فالرزق بيد الله ( نحن نرزقكم وإياهم )( )،ووأد البنات هو عمل من أسوأ الأعمال ( وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت)( ) ، ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ضل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب إلا ساء ما يحكمون )( )، وكان النبي ( صلى الله عليه وسلم) قدوة في إكرالم زوجاته ومعاشرتهن بالمعروف ، وسلوكه تجاه المرأة لم يكن غير تعبير عن احترامه لعقلها وتفكيرها خصوصاً وهو القائل " أستوصوا بالنساء خيرا" و " أنا وكافل البنتين في الجنة " ( ) .
كما رفع الإسلام من مكانة المرأة حين جعل الجنة ( تحت أقدام الأمهات ) وأوصى بالأم خصوصاً في الكبر والشيخوخة ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً أما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما )( ).
وقد أقر الإسلام مساواة المرأة الإنسانية بالرجل فمنحها ذات الحقوق . فالقرآن يقرر أن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم والمرأة داخلة في هذا العموم ، وأن الله كرم بني آدم وفضلهم على سائر الكائنات والمرأة مشمولة بهذا التكريم .
وإذا كان المفكرون المسلمون يقولون بأن من عناصر " الاحسنية" في خلق الله الإنسان هو ملكة التفكير وخاصة التكليف ، وصفة المسؤولية فأن المرأة والرجل في ذلك سواء بالضرورة . وإذا كانوا قد قالوا ، أيضاً بأن عناصر تكريم الله لبني آدم هو أن الله جعل هذا الإنسان غاية في نفسه وليس وسيلة لغيره وجعله سيداً للحياة وليس عبيداً لها وجعله خليفة في الأرض وليس متخلفاً عليه فأن المرأة شريكة في ذلك للرجل ( إنما النساء شقائق الرجال ) كما جاء في الحديث الصحيح تأكيداً لقول الله تعالى ( يا أيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ... )( ) وقد ترتب على ذلك أن خاطب الله الرجال والنساء بلا تمييز أو تفرقة في أحكام الشريعة سواء في أتباع الأوامر أو في إجتناب النواهي : كقوله تعالى ( أن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما )( )، وقوله تعالى ( وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصي الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا)( )، وقوله تعالى ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر وأنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة )( ) ، وقوله ( فأستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى )( ).
هذا التساوي في المنزلة مع الرجل ينعكس تماماً في حقوق عديدة أخرى يمكن إيرادها بإيجاز ، وهي على الوجه الآتي :
ترتبط مسألة المرأة في الإسلام ارتباطاً وثيقاً بمسألة أعم وأشمل هي مسألة الإنسان المسلم فرداً ملن أم جماعة وبواقع المجتمع العربي الإسلامي وتطلعاته .ولا يمكن تجاهل حقيقة أن الدين ألإسلامي قد تعاطف بشكل واضح مع المرأة وحقوقها ، لذا غـم القول أو الإدعاء بأن الإسلام قد نال من مكانة المرأة ومال إلى تحقيرها يعتبر من قبيل التناقض مع تلك المبادىء الإنسانية التي أقرها الدين وأرساها .
فالقرآن الكريم أشار بوضوح إلى رعاية الخالق للأنثى منذ هي في المهد وحماها من سوء الاستقبال الذي كان يقترن بمولدها الذي ظل كذلك لقرون عديدة . فحين قال امرأة فرعون ( ربي أني وضعتها أنثى ... وليس الذكر كالأنثى )( ) أجاب الخالق على ذلك بالقبول الحسن والبنات الحسن لها ، واضعاً المشتكين من ولادة الأنثى بسوء الحكم ( إلا ساء ما يحكمون )( ).
كما حرر القرآن شخصية المرأة من أنها مخلوقة هامشية ضعيفة في المنزلة قياساً بالرجل وحررها أيضاً من عقدة الخطيئة الأولى التي ترتب عليها إخراج آدم من الجنة : فالله خلف الذكر والأنثى من نفس واحدة( ) ، والشيطان هو الذي وسوس لآدم ( فعصى ربه فغوى)( ).
ولقد بلغت العناية بالمرأة شأناً بحيث نزلت فيها سورة كاملة أو أكثر : فالجزء الرابع من سورة البقرة كله في النساء وآياته كلها أحكام بشأنها ، ثم هناك سورة النساء وسورة مريم وسورة النور وسورة المجادلة وسورة الممتحنة وسورة التحريم .
وكما أعلى القرآن من مكانة المرأة فأن السيرة النبوية والحديث سارتا في نفس الخط أيضاً : فالوقائع تنكر أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم) قد إعتزَّ بأمهات له في الجاهلية اسم واحدة منهن عاتكة فقال " أنا ابن العواتك من سليم " وما من عاتكة منهن أدركت الإسلام ، وقوله ( صلى الله عليه وسلم) أيضاً " لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الظاهرة وصفه مهذباً لاتتشعب شعبتك إلا كنت خيرهما " . والأحاديث النيوية توضح مكانة المرأة حيث يرد فيها إن المرأة الصالحة خير متاع الدنيا ، وأنها داعية مسؤولة عن بين زوجها وولدها ، وأن أحد الصحابة حين سأل النبي ( صلى الله عليه وسلم) أي الناس أحق بصحبتي يا رسول الله ، قال له أمك .. ثم أمك ، ثم أمك .. ثم أباك ( ).
ولا شك أن التاريخ الإسلامي سوف يدعم هذا الواقع بشواهد مضافة : فليس هناك حدث مهم ليس للمرأة ظهور فيه ولا أحداً من العلماء والقادة والأئمة والرؤساء لم تكن في حياته امرأة ذات أثر ، ولا معجماً لإمام من أئمة السلف خلا من ذكر النساء ، ولا كتاباً في طبقات الحفاظ والمفسرين والصوفية والأدباء ليس فيه تراجم خاصة لأعيان النساء . فلا يمكن إغفال شخصية رابعة العدوية وريادتها للطريقة الصوفية وشعائرها ، ودور أم الإمام الشافعي والإمام مالك في توجهاتهما الفقهية والعلمية .
والسيدة فاطمة العضرية في بناء جامع القرويين في المغرب ، والملكة شعبرة الدرمي في تحقيق نصر المسلمين على الصليبين( ).
حقوق المرأة في الإسلام :
تباينت الآراء حول وضع المرأة في العصور التي سبقت بزوغ الإسلام . فبعض المؤرخين يرفع منزلتها في نظر عرب الجاهلية ، وفريق آخر ينكر ذلك ويظهرها بمظهر الممتهن المسلوب الحقوق : فمن النساء من نالت منزلة سامية كخديجة بنت خويلد وهند بنت عتبة ، كما إنه وجد ن أحتقر المرأة ووصل الأمر إلى وأدها فضلاً عن تزويجها بالإكراه وعدم أحقيتها بالميراث( ) .
واتساقاً مع هذه المعطيات قبل أن مركز المرأة قبل الإسلام كان محتقراً من جهة وبارزاً من جهة أخرى : فالمعلقات ، مثلاً لم تكن تخلو من الإشادة بالمرأة والغزل بها والمدح والفخر لإرضائها . وقد تميزت المرأة في الجاهلية في الجملة بثلاث صفات : العفة والفصاحة ، وحسن التربية لبنيها ، وما يأخذه المؤرخون على العصر الجاهلي هو القيام بوأد البنات الذي يمثل في الواقع أقصى ما يصل إليه البشر من القسوة( ) .
والواقع أن إكرام المرأة ، وليدة ناشئة وزوجة وأم ، قد أقترن أساساً بالإسلام : فالرزق بيد الله ( نحن نرزقكم وإياهم )( )،ووأد البنات هو عمل من أسوأ الأعمال ( وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت)( ) ، ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ضل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب إلا ساء ما يحكمون )( )، وكان النبي ( صلى الله عليه وسلم) قدوة في إكرالم زوجاته ومعاشرتهن بالمعروف ، وسلوكه تجاه المرأة لم يكن غير تعبير عن احترامه لعقلها وتفكيرها خصوصاً وهو القائل " أستوصوا بالنساء خيرا" و " أنا وكافل البنتين في الجنة " ( ) .
كما رفع الإسلام من مكانة المرأة حين جعل الجنة ( تحت أقدام الأمهات ) وأوصى بالأم خصوصاً في الكبر والشيخوخة ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً أما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما )( ).
وقد أقر الإسلام مساواة المرأة الإنسانية بالرجل فمنحها ذات الحقوق . فالقرآن يقرر أن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم والمرأة داخلة في هذا العموم ، وأن الله كرم بني آدم وفضلهم على سائر الكائنات والمرأة مشمولة بهذا التكريم .
وإذا كان المفكرون المسلمون يقولون بأن من عناصر " الاحسنية" في خلق الله الإنسان هو ملكة التفكير وخاصة التكليف ، وصفة المسؤولية فأن المرأة والرجل في ذلك سواء بالضرورة . وإذا كانوا قد قالوا ، أيضاً بأن عناصر تكريم الله لبني آدم هو أن الله جعل هذا الإنسان غاية في نفسه وليس وسيلة لغيره وجعله سيداً للحياة وليس عبيداً لها وجعله خليفة في الأرض وليس متخلفاً عليه فأن المرأة شريكة في ذلك للرجل ( إنما النساء شقائق الرجال ) كما جاء في الحديث الصحيح تأكيداً لقول الله تعالى ( يا أيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ... )( ) وقد ترتب على ذلك أن خاطب الله الرجال والنساء بلا تمييز أو تفرقة في أحكام الشريعة سواء في أتباع الأوامر أو في إجتناب النواهي : كقوله تعالى ( أن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما )( )، وقوله تعالى ( وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصي الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا)( )، وقوله تعالى ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر وأنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة )( ) ، وقوله ( فأستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى )( ).
هذا التساوي في المنزلة مع الرجل ينعكس تماماً في حقوق عديدة أخرى يمكن إيرادها بإيجاز ، وهي على الوجه الآتي :