رمضان.. شهر البطولات والانتصارات - فتح مكة -
بقلم / سمير العركى
يقول عنه ابن القيم ــ رحمه الله ــ : هو الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين ، واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين ، من أيدي الكفار والمشركين ، وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء ، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء ، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً ، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجاً .
وفى الواقع لقد كان صلح الحديبية إرهاصا قوياً بهذا الفتح العظيم حتى أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أسماه " الفتح المبين " فقال ـ عز من قال ـ " انا فتحنا لك فتحا مبينا " وقد كان من بنود ذلكم الصلح أن من أحب أن يدخل في عقد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه ، وعلى حسب هذا البند دخلت خزاعة في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودخلت بنو بكر في عهد قريش ،وقد كانت بين القبيلتين عداوة وتوترات في الجاهلية ، فلما وقعت هذه الهدنة ، وأمن كل فريق من الآخر ، اغتنمها بنو بكر وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم ،فأغارت بنو بكر على خزاعة ليلاً ، وأصابوا منهم ، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح ، حتى حازوا خزاعة إلى الحرم ، وكان ذلك إيذانا بنقض صلح الحديبية ، فقد أسرع عمرو بن سالم الخزاعي فخرج حتى قدم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس فقال :
يا رب انى ناشد محمـــــــداً حلفنا وحلف أبينا الأتلدا
إن قريشاً أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكــــدا
وهم أذل وأقـــــــل عـــــددأ هـم بيتـونا بالوتيــر هجــدا
فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" نصرت يا عمرو بن سالم " ثم عرضت له سحابة من السماء فقال : " إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب " . ثم خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة ، حتى قدموا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة فأخبروه بمن أصيب منهم ، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم .
ولقد أحست قريش بغدرها وأدركت شؤم عاقبته فقررت أن ترسل قائدها أبا سفيان ممثلا لها ، وعبثا حاول أبو سفيان تجديد الصلح ولكنه فشل فى مهمته بعد أن طرق كل الأبواب التي ظن أنها قد تساعده على إقناع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد عقد العزم على غزو قريش وفتح مكة .
وهنا أخذ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعد العدة لغزو قريش وكان يريد مفاجأة قريش ، فلا تعلم شيئاً قبلها فقال :" اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها فى بلادها " ، وزيادة في الإخفاء بعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سرية قوامها ثمانية رجال تحت إمرة أبى قتادة بن ربعي إلى بطن أضم فيما بين ذي خشب وذي مروة وذلك في أول شهر رمضان سنة 8 .
وهنا وقعت حادثة ذات دلالة نتوقف أمامها قليلاً ، فقد كتب كتب حاطب بن أبى بلتعة إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليهم ثم أعطاه لامرأة وجعل لها جعلاً على أن تبلغه قريشاً فجعلته في قرون رأسها ثم خرجت به وأتى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث علياً والمقداد والزبير وأبا مرثد الغنوى فقال :" انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فان بها ظعينة معها كتاب إلى قريش " وعندما أتوا بالكتاب كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا حاطباً فقال ما هذا يا حاطب ؟ فقال : لا تعجل علىً يا رسول الله والله انى لمؤمن بالله ورسوله ، وما ارتددت ولا بدلت ، ولكنى كنت امرأ ملصقاً بقريش ، لست من أنفسهم ، ولى فيهم أهل وعشيرة وولد ، وليس لى فيهم قرابة يحمونهم ، وكان من معك معه قرابات يحمونهم ، فأحببت اذ فاتنى ذلك أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله أضرب عنقه فانه قد خان الله ورسوله ، وقد نافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انه قد شهد بدراً ، وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " فذرفت عينا عمر وقال : الله ورسوله أعلم . وهكذا فقد أعطى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الدرس العملي في التعامل مع زلات وهفوات أولى الفضل والسبق، فقدكان حاطب ممن شهد بدراً وكانت هذه من الحسنات العظيمة التي محت هذه الفعلة التي فعلها بإرشاد قريش عن عزم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على غزوهم . وهنا يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : " وفيها إن الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تكفر بالحسنة الكبيرة الماحية كما وقع الجس من حاطب مكفراً بشهوده بدراً فان ما اشتملت عليه هذه الحسنة العظيمة من المصلحة وتضمنته من محبة الله لها ورضاه بها ومباهاته للملائكة بفاعلها أعظم مما اشتملت عليه سيئة الجس من المفسدة وتضمنته من بغض الله لها فغلب الأقوى على الأضعف فأزاله وأبطل مقتضاه.... " .
وكمـا يقـــول الشـــاعــر :
بقلم / سمير العركى
يقول عنه ابن القيم ــ رحمه الله ــ : هو الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين ، واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين ، من أيدي الكفار والمشركين ، وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء ، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء ، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً ، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجاً .
وفى الواقع لقد كان صلح الحديبية إرهاصا قوياً بهذا الفتح العظيم حتى أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أسماه " الفتح المبين " فقال ـ عز من قال ـ " انا فتحنا لك فتحا مبينا " وقد كان من بنود ذلكم الصلح أن من أحب أن يدخل في عقد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه ، وعلى حسب هذا البند دخلت خزاعة في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودخلت بنو بكر في عهد قريش ،وقد كانت بين القبيلتين عداوة وتوترات في الجاهلية ، فلما وقعت هذه الهدنة ، وأمن كل فريق من الآخر ، اغتنمها بنو بكر وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم ،فأغارت بنو بكر على خزاعة ليلاً ، وأصابوا منهم ، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح ، حتى حازوا خزاعة إلى الحرم ، وكان ذلك إيذانا بنقض صلح الحديبية ، فقد أسرع عمرو بن سالم الخزاعي فخرج حتى قدم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس فقال :
يا رب انى ناشد محمـــــــداً حلفنا وحلف أبينا الأتلدا
إن قريشاً أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكــــدا
وهم أذل وأقـــــــل عـــــددأ هـم بيتـونا بالوتيــر هجــدا
فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :" نصرت يا عمرو بن سالم " ثم عرضت له سحابة من السماء فقال : " إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب " . ثم خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة ، حتى قدموا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة فأخبروه بمن أصيب منهم ، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم .
ولقد أحست قريش بغدرها وأدركت شؤم عاقبته فقررت أن ترسل قائدها أبا سفيان ممثلا لها ، وعبثا حاول أبو سفيان تجديد الصلح ولكنه فشل فى مهمته بعد أن طرق كل الأبواب التي ظن أنها قد تساعده على إقناع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد عقد العزم على غزو قريش وفتح مكة .
وهنا أخذ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعد العدة لغزو قريش وكان يريد مفاجأة قريش ، فلا تعلم شيئاً قبلها فقال :" اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها فى بلادها " ، وزيادة في الإخفاء بعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سرية قوامها ثمانية رجال تحت إمرة أبى قتادة بن ربعي إلى بطن أضم فيما بين ذي خشب وذي مروة وذلك في أول شهر رمضان سنة 8 .
وهنا وقعت حادثة ذات دلالة نتوقف أمامها قليلاً ، فقد كتب كتب حاطب بن أبى بلتعة إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليهم ثم أعطاه لامرأة وجعل لها جعلاً على أن تبلغه قريشاً فجعلته في قرون رأسها ثم خرجت به وأتى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث علياً والمقداد والزبير وأبا مرثد الغنوى فقال :" انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فان بها ظعينة معها كتاب إلى قريش " وعندما أتوا بالكتاب كما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا حاطباً فقال ما هذا يا حاطب ؟ فقال : لا تعجل علىً يا رسول الله والله انى لمؤمن بالله ورسوله ، وما ارتددت ولا بدلت ، ولكنى كنت امرأ ملصقاً بقريش ، لست من أنفسهم ، ولى فيهم أهل وعشيرة وولد ، وليس لى فيهم قرابة يحمونهم ، وكان من معك معه قرابات يحمونهم ، فأحببت اذ فاتنى ذلك أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله أضرب عنقه فانه قد خان الله ورسوله ، وقد نافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انه قد شهد بدراً ، وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " فذرفت عينا عمر وقال : الله ورسوله أعلم . وهكذا فقد أعطى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الدرس العملي في التعامل مع زلات وهفوات أولى الفضل والسبق، فقدكان حاطب ممن شهد بدراً وكانت هذه من الحسنات العظيمة التي محت هذه الفعلة التي فعلها بإرشاد قريش عن عزم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على غزوهم . وهنا يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : " وفيها إن الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تكفر بالحسنة الكبيرة الماحية كما وقع الجس من حاطب مكفراً بشهوده بدراً فان ما اشتملت عليه هذه الحسنة العظيمة من المصلحة وتضمنته من محبة الله لها ورضاه بها ومباهاته للملائكة بفاعلها أعظم مما اشتملت عليه سيئة الجس من المفسدة وتضمنته من بغض الله لها فغلب الأقوى على الأضعف فأزاله وأبطل مقتضاه.... " .
وكمـا يقـــول الشـــاعــر :